قوة المسامحة وأثرها في النفوس
المسامحة ليست ضعفًا، بل قوة خفية تصنع المعجزات وتغير المصائر. إنها القدرة على تجاوز الأخطاء والمضي قدمًا دون حقد أو انتقام. في هذه القصة القصيرة التي تدور أحداثها في قلب مملكة قديمة، سنروي لكم حكاية الوزير عبد الله، رجل حكيم تعلم كيف تكون المسامحة مفتاح السلام والنجاح. قصة مليئة بالعبر والدروس، مناسبة لمحبي القصص الأخلاقية الهادفة.
قصة عن المسامحة، قصة الوزير عبد الله، قصص قصيرة هادفة، التسامح، قصص مشوقة، دروس في الحياة، قصص عربية قديمة، التسامح مفتاح القلوب
قصة الوزير عبد الله
الوزير عبد الله وحكمة بلا حدود
في مملكة "الضياء"، كان الوزير عبد الله من أكثر رجال الدولة احترامًا وحبًا بين الناس. عُرف بحكمته ورجاحة عقله، وكان الملك يستشيره في كل صغيرة وكبيرة. تميز عبد الله بصفاء قلبه وعدله في الحكم، لكنه كان يملك سرًا دفينًا لا يعرفه أحد، وهو قدرته العجيبة على المسامحة، حتى لمن آذوه.
في أحد الأيام، قال الملك لعبد الله: "يا عبد الله، إن قلبك عجيب. لم أرك يومًا تغضب أو تنتقم ممن يسيء إليك. كيف تفعل هذا؟"
ابتسم عبد الله وقال: "يا مولاي، المسامحة راحة للروح، ومن سامح عاش مرتاح القلب والعقل. أما الانتقام، فلا يولد سوى الألم والحقد."
مؤامرة داخل القصر
رغم طيبته، لم يسلم عبد الله من الحساد. فقد كان هناك قائد في الجيش يُدعى "سفيان"، يطمع في منصب عبد الله، فبدأ يحيك المؤامرات في الخفاء. دسّ له رسالة مزيفة، وادعى أنها دليل خيانة الوزير للمملكة، وأوصلها إلى الملك.
حين قرأ الملك الرسالة، تغير وجهه وقال بغضب: "هل يعقل أن يخونني عبد الله؟ لا أصدق ذلك، لكن لا بد من التحقيق."
استُدعي عبد الله فورًا، وأُبلغ بالتهمة الثقيلة. لم يغضب، بل رد بهدوء: "سأترك العدالة تأخذ مجراها، وأثق أنك ستعرف الحقيقة يا مولاي."
الحقيقة تظهر والقلوب تنكشف
أمر الملك بفتح تحقيق فوري، وبعد أيام من البحث والتقصي، تبين أن الرسالة ملفقة، وأن سفيان هو من كتبها بدافع الحسد والطمع. غضب الملك بشدة، وأمر بسجن سفيان فورًا.
لكن المفاجأة كانت عندما ذهب عبد الله إلى الملك، وقال له: "مولاي، إنني أسامح سفيان، وأطلب منك أن تعفو عنه."
تعجب الملك وقال: "كيف تسامحه بعد أن أراد تدميرك؟"
قال عبد الله: "لأني أؤمن أن المسامحة تُطهر القلب وتُصلح النفوس. ربما إذا سامحناه، تغير حاله وأصبح أفضل."
درس في التسامح من الوزير الحكيم
وافق الملك على طلب عبد الله، وأُطلق سفيان من السجن. لم يصدق سفيان أن من أراد إيقاعه في الشر قد سامحه بكل بساطة. شعر بالخجل، وتغيرت حاله تمامًا، وطلب من عبد الله أن يعلمه فنون الحكمة والعدل.
صار سفيان من أكثر المخلصين للوزير، وكرّس حياته لخدمة المملكة بصدق.
في أحد المجالس، قال الملك للناس: "تعلموا من عبد الله، فقد انتصر دون أن يرفع سيفًا، وأعاد رجلاً ضالاً إلى الصواب بحكمة المسامحة."
المسامحة تصنع المجد
مرت السنوات، وكبرت المملكة، وازدهرت في ظل حكم عادل تسوده القلوب النقية والنفوس المتسامحة. أصبح عبد الله رمزًا يُحتذى به، ومثلاً يُروى للأطفال والكبار عن أن المسامحة لا تُضعف الإنسان، بل تُقويه.
قال أحد الشعراء عن الوزير عبد الله:
"سامح فأطفأ نار الحقد في صدر عدوه، فصار من بعد الجفاء، رفيق دربه المخلص."
خاتمة: درس خالد في التسامح
قصة الوزير عبد الله تعلمنا أن المسامحة ليست فقط خلقًا كريمًا، بل هي سلوك قادر على تغيير القلوب والمجتمعات. حين نغفر، فإننا لا ننسى الأذى، لكننا نختار أن نرتقي فوقه، ونمنح الآخرين فرصة للتغير.
فلنجعل من هذه القصة القصيرة عن المسامحة نبراسًا في حياتنا، ولنؤمن أن كل قلب قادر على الغفران هو قلب عظيم.
اقرأ أيضا