قصة السلحفاة الحكيمة.
في عالم الطبيعة الساحر، حيث تعيش المخلوقات في تناغم مع بيئتها، تنتشر الحكايات
التي تحمل بين طياتها الحكمة والعبر، واحدة من هذه الحكايات تدور في غابة خضراء
يملؤها الجمال والحياة، حيث تعيش الحيوانات بسلام ووئام، متشاركة في موارد الطبيعة.
وفي قلب هذه الغابة،
كانت هناك سلحفاة عجوز تُدعى حكيمة، اشتهرت بذكائها وصبرها وقدرتها على حل
المشكلات بحكمة وروية، في هذه القصة، سنتعرف على مغامرة مثيرة مرت بها الحيوانات،
عندما واجهوا تحديًا خطيرًا كاد أن يغير حياتهم، وكيف تمكنت السلحفاة الحكيمة من
إيجاد الحل المناسب بفضل ذكائها وبعد نظرها.
قصة السلحفاة الحكيمة
كان ياما كان في قديم
الزمان، في غابةٍ خضراء جميلة، حيث الأشجار العالية والأنهار الجارية، عاشت
الحيوانات في وئام وسلام. وفي وسط هذه الغابة، كانت هناك سلحفاة عجوز تُدعى حكيمة،
اشتهرت بذكائها وصبرها وحكمتها في حل المشكلات.
ذات يوم، اجتمعت
الحيوانات حول البحيرة الكبيرة في وسط الغابة، تتحدث عن مشكلة أرقتهم جميعًا. فقد
بدأ الماء في البحيرة يخفض يومًا بعد يوم، ولم يعرف أحد السبب. قلق الجميع، لأن
البحيرة كانت مصدر الماء الأساسي لهم جميعًا.
قالت الغزالة برقة: إذا
استمر الأمر هكذا، فلن نجد ماءً لنشربه.
وأضاف القرد بقلق: ولا
مكانًا لنلعب ونستمتع بالماء كما كنا نفعل.
همّ الأسد، ملك
الغابة، بالكلام وقال بصوته العميق: علينا أن نجد حلًا لهذه المشكلة بسرعة قبل أن
يحل الجفاف في الغابة، ثم سأل الجميع من لديه فكرة؟
نظر الجميع إلى بعضهم البعض
في حيرة، ثم قال الفيل بصوت هادئ: لم نرَ المطر منذ فترة، ربما هو السبب في نقصان
الماء.
لكن السلحفاة الحكيمة،
التي كانت تستمع بصمت، هزت رأسها وقالت: هناك شيء آخر غير قلة المطر، يجب أن نبحث
عن السبب الحقيقي.
سألها الأرنب بفضول: وكيف
نعرف السبب، أيتها السلحفاة الحكيمة؟
ابتسمت السلحفاة
الحكيمة وقالت: علينا أن نتحرى الأمر، سنقسم أنفسنا إلى مجموعات ونبحث حول البحيرة
عن أي شيء غير طبيعي.
وافق الجميع على
الفكرة، وانطلقوا في فرق صغيرة يبحثون في كل مكان، وبعد ساعات من البحث، عاد
القندس مسرعًا وهو يصرخ: لقد وجدتها، لقد وجدتها.
تجمعت الحيوانات حول
القندس، فقال وهو يلهث: لقد رأيت مجموعة من البشر يقيمون معسكرًا بالقرب من النهر
الصغير الذي يغذي بحيرتنا، وهم يستخدمون مياهه بكثرة.
تنهدت السلحفاة
الحكيمة وقالت: هذا يفسر كل شيء، فالمياه التي تصل إلى بحيرتنا أصبحت قليلة بسبب
هذا الاستخدام المفرط.
قال الأسد بغضب: علينا
أن نذهب إليهم ونطلب منهم أن يتوقفوا فورًا.
لكن السلحفاة الحكيمة
أوقفتهم وقالت: لا يمكننا التصرف باندفاع، دعوني أذهب إليهم وأحاول التحدث معهم
أولًا.
وافقت الحيوانات على
خطة السلحفاة الحكيمة، ورافقتها بعض الحيوانات إلى معسكر البشر، وعندما وصلوا،
تقدم طفل صغير من المخيم، ونظر إلى السلحفاة بدهشة وقال: ما أجملكِ، لم أرَ سلحفاة
من قبل.
ابتسمت السلحفاة
الحكيمة وقالت: مرحبًا بك، أيها الصغير، جئنا نتحدث معكم بشأن مشكلة تؤثر علينا
جميعًا.
أخبرتهم السلحفاة عن
البحيرة التي بدأ ماؤها ينضب بسبب الاستخدام المفرط للمياه من النهر الصغير، استمع
الطفل لحديثها باهتمام، ثم ركض إلى والديه وأخبرهم بكل شيء.
جاء والدا الطفل إلى
الحيوانات وقالا: لم نكن نعلم أن استخدامنا للمياه يؤثر عليكم، نحن آسفون لذلك!
سنستخدم الماء بحكمة وسنبحث عن طرق أخرى للحصول على الماء دون الإضرار بالبحيرة.
فرحت الحيوانات وشكرت
البشر على تفهمهم، وبعد أيام قليلة، عاد مستوى الماء إلى طبيعته في البحيرة، وعادت
الحياة إلى ما كانت عليه.
اجتمعت الحيوانات مرة
أخرى حول البحيرة، وهتف القرد بسعادة: أنتِ حقًا سلحفاة حكيمة! لقد أنقذتِ بحيرتنا
دون أي قتال أو مشاكل.
ابتسمت السلحفاة
الحكيمة وقالت: العقل والحكمة هما أقوى الأسلحة لحل المشكلات. عندما نستخدم الحوار
والتفاهم، يمكننا حل أي مشكلة دون اللجوء للعنف.
فرحت الحيوانات وتعلمت
درسًا مهمًا عن أهمية الحكمة والصبر في مواجهة المشكلات، ومنذ ذلك اليوم، أصبحت
السلحفاة الحكيمة رمزًا للحكمة في الغابة، يلجأ إليها الجميع عندما يواجهون أي
مشكلة.
وهكذا، عاشت الحيوانات
في سلام وسعادة، تحترم بعضها بعضًا وتتعلم من حكمة السلحفاة العجوز.