بين القناعة والطمع
في كل زاوية من زوايا الحياة، نجد دروسًا عظيمة تختبئ خلف تصرفات الناس ومواقفهم. ومن أبلغ تلك الدروس، ما تعلّمنا إياه قصص الطمع والجشع، وكيف يمكن لرغبة لا تنتهي في المزيد أن تفسد حياة الإنسان وتجرّه إلى الخسارة. في هذه القصة، نغوص معًا في حكاية العجوز الطماعة، لنتعلم عبرها أن القناعة كنز لا يفنى، وأن الطمع نهاية كل خير.
قصة العجوز الطماعة
الجدة زبيدة وجرة الذهب
في أحد القرى النائية، عاشت امرأة مسنة تُدعى زبيدة، عُرفت بين الناس بذكائها ودهائها، لكنها اشتهرت أكثر بشيء واحد: الطمع الذي لا يشبع. رغم أنها كانت تملك بيتًا صغيرًا وحديقةً مزدهرةً تكفيها حاجتها، إلا أن رغبتها في جمع المال والكنوز لم تعرف حدًا.
وذات يوم، بينما كانت تنقّب في أرضها بحثًا عن نباتات طبية، اصطدمت مجرفتها بشيء صلب. حفرت أكثر، فإذا بها تجد جرة قديمة مملوءة بالذهب! لم تصدق عينيها، وبدأ قلبها ينبض بسرعة الطبول.
"الثراء جاء إليّ أخيرًا!"، قالت وهي تضحك ملء قلبها.
الهوس بالذهب
في البداية، خبأت زبيدة الجرة تحت أرض غرفتها السرية، وقررت أن لا تخبر أحدًا. لكن الجشع بدأ ينمو في داخلها بسرعة، كالنار في الهشيم. لم تكتفِ بما وجدت، بل بدأت تحفر كل يوم في أماكن مختلفة من أرضها، لعلّها تجد المزيد من الذهب.
تحوّلت زبيدة من امرأة تهتم بحديقتها وجيرانها إلى عجوز منعزلة، شاحبة الوجه، لا يهمها سوى زيادة ما تملك. لم تعد تضحك، ولم تعد تفتح بابها لأحد. كانت تخشى أن يسرق أحدهم كنزها، رغم أن لا أحد كان يعلم عنه.
عرض الشيطان
مرت الأيام، وزادت شهوة العجوز للذهب. وفي إحدى الليالي، بينما كانت تتفقد الجرة، ظهر لها رجل غريب الهيئة، يرتدي عباءة سوداء وعيونه تلمع كالجمرة.
قال لها بصوت خافت: "أيتها العجوز، أستطيع أن أضاعف لك هذا الذهب، فقط وقّعي هنا" ومد لها ورقة وقلمًا، دون أن يشرح الكثير.
لم تفكر زبيدة، ولم تسأل من هو أو كيف ظهر. كل ما رأته هو فرصة لمضاعفة كنزها. وقّعت على الفور، واختفى الرجل، لكن لم تمضِ سوى لحظات حتى بدأت الأرض تهتز تحت قدميها، والجدران تتشقق.
لعنة الطمع
في اليوم التالي، استيقظ أهل القرية على صوت انفجار قوي صادر من بيت زبيدة. هرعوا إلى المكان، ليجدوا البيت قد انهار تمامًا، دون أثر للعجوز ولا لأي ذهب. الناس صُدموا، خاصة أنها لم تكن قد خرجت من البيت منذ شهور.
قال أحد الحكماء من القرية: "لقد حذّرتها مرارًا من الطمع، لكن القلب المريض لا يسمع النصيحة." تحدّث البعض عن أنها باعت روحها مقابل الذهب، وآخرون قالوا إن ما وجدته كان فخًا من الجن، لا أحد يعلم الحقيقة، لكن المؤكد أن العجوز الطماعة اختفت مع كنزها إلى الأبد.
الدرس الذي لن يُنسى
تحولت قصة زبيدة إلى عبرة تُروى عبر الأجيال في تلك القرية. كلما حاول أحدهم جمع المال بطرق ملتوية، كان الجيران يقولون: "إياك أن تكون كزبيدة!" بل إن الأطفال بدأوا يرددون مثلًا قرويًا يقول: "من طمع في الذهب، خسر حتى الحطب."
وبعد سنوات، نبتت في مكان بيت زبيدة شجرة تين ضخمة، لم تثمر يومًا. كانت رمزًا للصمت والغموض والندم، تذكّر الناس بمصير كل من جعل الطمع طريقه.
الطمع مهلكة مهما طال الأمل
في حياة كل منا، لحظات يُفتح فيها باب الطمع قليلاً، فإما أن نغلقه بالقناعة والحكمة، أو نُدخِل أنفسنا في نفق لا نخرج منه سالمين. قصة العجوز الطماعة ليست مجرد حكاية، بل مرآة نرى فيها أنفسنا حين ننسى أن السعادة لا تُشترى، وأن الطمع لا يُشبع.
تذكّر دومًا: القناعة كنز، والطمع فخّ، فلا تقع فيه.
قصة قصيرة عن الطمع، العجوز الطماعة، قصص عن الجشع، قصة طويلة للكبار، نهاية الطمع، قصص وعبر قصيرة، قصة خيالية عن الطمع، قصص مشوقة عربية، قصة فيها حكمة
إقرأ أيضا