📁 جديد القصص

قصة العصفور المؤمن: حكاية الصبر والإيمان بالله

قصة العصفور المؤمن: حكاية الصبر والإيمان بالله

مقدمة القصة

في عالم الطبيعة البديع، حيث تحلّق الطيور في السماء وتغرد الألحان العذبة، وُجد عصفور صغير حمل في قلبه إيمانًا عميقًا بربه، رغم صغر حجمه وضعفه أمام تقلبات الحياة. هذه القصة ليست مجرد حكاية عصفور ضعيف، بل هي درس بليغ في الصبر، التوكل، الإيمان بالله، وحسن الظن بقدره.
من خلال أحداث هذه القصة، سنعيش رحلة مؤثرة لعصفور مؤمن علّم الكبار والصغار أن الثبات علطى الحق، والرضا بما قسم الله، هو طريق النجاة والسعادة.


البداية: عصفور صغير في غابة واسعة

في غابة خضراء تملؤها الأشجار العالية والأنهار المتدفقة، كان يعيش عصفور صغير مؤمن مع أسرته. كان مظهره بسيطًا، وريشه خفيفًا، لكن قلبه مليء بالإيمان.
بينما كانت الطيور الأخرى تنشغل بجمع الطعام والبحث عن أماكن جديدة للعيش، كان العصفور المؤمن يقف على غصن شجرة مرتفع، يسبّح الله صباحًا ومساءً، ويغني أناشيد الشكر على نعمة الحياة.

الحلم الكبير: السعي وراء الرزق

كبر العصفور وبدأ يبحث عن رزقه بنفسه. كان يعلم أن الله تكفّل برزق كل مخلوق على الأرض، ومع ذلك لم يتكاسل، بل كان يسعى ويجتهد ثم يترك النتيجة على الله.
كان يقول لنفسه دائمًا: لن يضيع رزقي، فالله هو الرزاق، وكل حبة قمح أو قطرة ماء مقدّرة لي ستصلني ولو في آخر الدنيا.

هذه الكلمات جعلته يواجه صعوبات الحياة بابتسامة، بينما كانت بعض الطيور تتذمر وتخاف من الجوع.

الاختبار الأول: يوم شديد المطر

في أحد الأيام، هطلت أمطار غزيرة، فغمرت الغابة بالمياه. لم تستطع الطيور الخروج للبحث عن طعام، فبدأ الخوف يسيطر عليها.
أما العصفور المؤمن، فقد احتمى بين أوراق الشجر، وجعل يردّد: اللهم ارزقني من حيث لا أحتسب، فأنت القوي وأنا الضعيف.

وبينما كان يدعو، سقطت بجواره سنبلة قمح جرفها المطر من أحد الحقول القريبة. فرح العصفور وشارك بعض الطيور الجائعة ما رزقه الله، ليعلّمهم أن الرزق بيد الخالق، وأن الإيمان يفتح أبواب الأمل حتى في أصعب الأوقات.

درس في الصبر: مواجهة الجفاف

مرّت أيام أخرى، وحلّ الجفاف على الغابة. جفّت الأنهار، وقلّت الثمار، واضطرت الطيور للهجرة بحثًا عن أماكن أفضل.
لكن العصفور المؤمن بقي في مكانه، لأنه كان على يقين أن الله لن يضيعه. كان يشرب من قطرات الندى القليلة المتبقية على الأوراق، ويأكل ما يجده من بقايا الحبوب.
ورغم قسوة الظروف، كان قلبه مطمئنًا، ولسانه لا يتوقف عن قول: حسبي الله ونعم الوكيل.

لقاء الحكيم: نصيحة لا تُنسى

في إحدى الليالي، التقى العصفور المؤمن بطيـر حكيم كبير في السن، كان قد عاش أحداثًا كثيرة في الغابة.
قال الحكيم: يا بني، ما سر هذا الاطمئنان الذي يملأ قلبك؟

أجاب العصفور: إيماني بربي هو سر سعادتي، فأنا أعلم أن ما أصابني لم يكن ليخطئني، وما أخطأني لم يكن ليصيبني.

ابتسم الحكيم وقال: لقد علّمتني درسًا لم أنسه، فالإيمان هو جناح الطائر الذي يرفعه فوق كل محنة.

المحنة الكبرى: الصياد المخادع

وذات صباح، جاء صياد بخبثه إلى الغابة، ونصب شِباكه بين الأشجار. وقعت بعض الطيور في الفخ، وأخذت تصرخ وتفقد الأمل.
أما العصفور المؤمن، فلم يجزع. وقع هو الآخر في الشبكة، لكنه رفع رأسه نحو السماء وقال: يا رب، أنت تعلم أنني لم أؤذِ أحدًا، فارزقني النجاة بقدرتك.

وما هي إلا لحظات حتى هبّت ريح قوية كسرت بعض الأغصان، فسقطت الشبكة وتحرر العصفور، بينما نجا معه بعض الطيور الأخرى.
أدرك الجميع أن الإيمان والصبر طريق النجاة.

العبرة: نور الإيمان يهزم الخوف

انتشر خبر العصفور المؤمن بين الطيور، وأصبح قدوة لهم. لم يعد أحد يشتكي من قلة الرزق أو صعوبة الظروف، بل تعلموا أن التوكل على الله مع السعي والعمل هو سبيل الراحة الحقيقية.
حتى الحيوانات الأخرى في الغابة كانت تعجب من هذا العصفور الصغير الذي حمل قلبًا عظيمًا، أقوى من كل الصعاب.

الخاتمة: دروس خالدة من قصة العصفور المؤمن

هكذا انتهت حكاية العصفور المؤمن، لكنها تركت أثرًا خالدًا في القلوب.
فقد علّمتنا أن:

الإيمان بالله يمنح الطمأنينة حتى في أحلك الظروف.

الرزق مكتوب ومقسوم، فلا داعي للقلق المفرط.

الصبر والتوكل هما جناحا النجاة.

المشاركة في الخير تزيد البركة.

قصة العصفور المؤمن ليست مجرد حكاية للأطفال أو الكبار، بل هي دعوة للتفكر في قدرة الله ورحمته، وتذكير بأن الإيمان هو زاد الحياة الذي لا ينفد.