هدية صغيرة بتأثير كبير
في كل عيد، يتشوّق الأطفال للهدايا، والألبسة الجديدة، والأجواء الاحتفالية. لكنّ العيد ليس مجرد مظاهر وزينة، بل هو فرصة لنزرع الفرح ونصنع التغيير. تدور قصتنا اليوم حول طفل صغير اسمه "سليم"، وعيد جاء مختلفًا عن كل ما سبقه، حين تحولت هدية بسيطة إلى نقطة تحول في حياته وحياة من حوله.
قصة هدية العيد، قصص أطفال طويلة، قصص تعليمية، قصص تربوية مشوقة، العيد والهدايا، قصص عن الكرم والمشاركة.
قصة هدية العيد
سليم الصغير وأمنية العيد
كان سليم طفلًا في التاسعة من عمره، يعيش مع أسرته البسيطة في حيّ متواضع. لم تكن حالتهم المادية جيدة، لكنه كان طفلًا راضيًا، لا يطلب الكثير، إلا في العيد. كان كل ما يتمناه هذا العام هو لعبة سيارات كهربائية رآها في متجر قريب، وظلّ يحدّث والدته عنها كل يوم.
لكن الأم كانت في حيرة. فالدخل لا يكفي سوى للضروريات، والهدايا الفاخرة ليست في الحسبان. ومع ذلك، لم ترغب أن يمرّ العيد دون أن يشعر ابنها بالفرح.
خطة الأم السرية
في إحدى الليالي، وبعد أن نام سليم، جلست الأم تفكر. فتحت صندوقًا قديمًا فيه بعض الأشياء التي كانت تدّخرها منذ أشهر. ثم ابتسمت وهي تهمس لنفسها: "قد لا تكون سيارة كهربائية، لكنها ستكون هدية من القلب".
ذهبت في اليوم التالي إلى السوق الشعبي، واشترت قطعًا صغيرة من الورق المقوى، وألوانًا، وبعض الأدوات البسيطة. وبمساعدة الجدة، صنعت صندوقًا أنيقًا كُتب عليه: "هدية العيد".
صباح العيد المنتظر
جاء صباح العيد، وصوت التكبيرات يملأ الأجواء. لبس سليم ثيابه الجديدة، وسلّم على والديه، ثم أسرع إلى الطاولة التي وُضعت عليها الهدية المغلّفة. عيونه لمعت، لكنه تردد عندما رأى حجمها. لم تكن بحجم السيارة التي حلم بها، لكنها كانت جميلة الشكل.
فتحها بحذر، فوجد بداخلها دفترًا ملوّنًا، مع قلم ذهبي، ورسالة صغيرة:
"هذه هديتك يا سليم. اكتب فيها أحلامك، وخططك، وارسم عالمك كما تريد. فأجمل الهدايا هي التي تصنعها بنفسك."
خيبة أمل أم بداية رحلة؟
في البداية، شعر سليم بخيبة أمل. لم تكن هذه السيارة التي تخيّلها، ولا حتى لعبة! لكنه لم يُظهر ذلك لوالدته، وشكرها بابتسامة باهتة. مرّ اليوم الأول من العيد وهو يلعب مع أصدقائه، لكن تلك الهدية لم تفارق تفكيره. في الليل، أمسك الدفتر وبدأ يكتب:
"في يوم من الأيام، سأصنع سيارة أحلامي بيدي. وسأسميها (فرحة)."
ثم رسم نموذجًا بسيطًا لها، بلون أحمر لامع.
موهبة تُكتشف دون قصد
مع مرور الأيام، بدأ سليم يستخدم الدفتر يوميًا. يرسم، يكتب، ويبتكر أفكارًا لألعاب، وأحيانًا يصمم من الورق نماذج صغيرة. لاحظت معلمته في المدرسة موهبته وطلبت من والدته أن تسجله في ورشة للأطفال الموهوبين.
في تلك الورشة، أظهر سليم إبداعًا لافتًا في الرسم والتصميم، ما جعله يُرشّح لتمثيل مدرسته في مسابقة محلية.
الهدية التي غيّرت مجرى الحياة
فاز سليم بالمركز الأول في المسابقة، وكانت جائزته منحة دراسية في معهد للفنون والتكنولوجيا للأطفال. كل هذا بفضل دفتر بسيط، وهديّة صُنعت بحبّ.
أصبح سليم بطلًا في مدرسته، بل صار مصدر إلهام لأصدقائه الذين بدؤوا يهتمون بالقراءة والكتابة والتصميم. وكلما سُئل عن سرّ نجاحه، كان يقول بفخر:
"كل شيء بدأ بهدية العيد."
رسالة القصة
هذه القصة ليست فقط عن عيد وهديّة، بل عن معنى أعمق: الهديّة ليست بقيمتها المادية، بل بقيمتها المعنوية. قد تغيّر كلمة، دفتر، أو دعم بسيط حياة شخص ما للأفضل. والعطاء الحقيقي لا يُقاس بحجم ما نمنح، بل بما نزرعه في قلوب الآخرين.
العيد الحقيقي في أثرنا على الآخرين
انتهت قصة "هدية العيد"، لكنها بدأت في قلوبنا. فلنسأل أنفسنا: ما الذي يمكن أن نقدمه في العيد ليسعد من حولنا؟ ربما لا نملك المال، لكن نملك الكلمة الطيبة، الدعم، الوقت، والنية الصادقة. كما غيّرت أم سليم حياة ابنها بدفتر صغير، يمكننا نحن أيضًا أن نزرع بذور النجاح والفرح في قلوب من نحب.
إقرأ أيضا