عندما تتحول النعمة إلى نقمة، كم من الناس أُغدقت عليهم النعم من كل صوب، فاغترّوا بأنفسهم ونسوا المنعم؟ وكم من البشر ظنّوا أن ما يملكونه دائم لا يزول، فإذا به ينهار في لمح البصر؟ في هذه القصة المستوحاة من القرآن الكريم، نتعرف على قصة صاحب الجنة، تلك الحكاية التي حملت في طيّاتها عبرة للمعتبرين ودروسًا خالدة في شكر النعمة، وتواضع النفس، وعدم الغرور بما آتانا الله.
قصة صاحب الجنّة من أروع القصص
من هو صاحب الجنة؟
صاحب الجنة هو رجل غنيّ، ورد ذكره في سورة القلم، وقد أنعم الله عليه بجنّة، أي بستانٍ مليءٍ بالخيرات والثمرات. ولكن مع عظم النعمة، غاب عنه الشكر، وظهر فيه الكبر والطغيان. لم يكن صاحب الجنة رجلاً عاديًا، بل كان رمزًا للطمع والأنانية التي تصيب بعض الناس عندما تفيض عليهم الدنيا من خيرها.
صاحب الجنة، قصة قرآنية، الغنى والكبر، ظلم النفس.
النعمة التي تحوّلت إلى استحقار للغير
كان صاحب الجنة يعيش في رغدٍ من العيش لا مثيل له. الأرض تثمر من دون عناء، والأشجار تعطي من دون حساب. وبدلًا من أن يتواضع لهذا الفضل، قرر أن يحرم المساكين من فضل الله، وأقنع أولاده بعدم إخراج الزكاة، وبيتوا أمرًا خفيًا: أن يذهبوا فجرًا إلى الجنة، قبل أن يعلم الفقراء عنها، ليمنعوا أي فقير من قطف ما فيها.
قرار سريّ، وقلوب مغلقة.
الزكاة، حق الفقراء، البخل، الجحود.
فاجعة في الظلام: العقوبة الإلهية
وبينما هم يخططون، ويظنون أنهم أذكى من غيرهم، وإذا بالعقوبة تأتي في الليل. فقد أرسل الله على جنتهم صاعقةً أو نارًا أكلت الأخضر واليابس، فلم يبقَ من الجنة سوى أطلالها. لم يعلموا بما حدث، وذهبوا في الصباح إلى جنتهم كما خططوا، متسللين حتى لا يراهم أحد. لكن المفاجأة كانت صادمة.
الصدمة الكبرى.
حين وصلوا، لم يعرفوا الأرض! قالوا: "إِنَّا لَضَالُّونَ"، ثم أيقنوا الحقيقة المؤلمة وقالوا: "بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ".
غضب الله، نهاية الظالمين، العقوبة الإلهية، ضياع النعمة.
الندم حين لا ينفع الندم
بعد أن أدركوا الكارثة، جلسوا يتحسّرون، يعاتب بعضهم بعضًا، ويذكّر بعضهم بعضًا بما فعلوا من ظلمٍ وبخل. لقد تمنوا لو شكروا الله وأخرجوا حق الفقراء، لكن الأوان كان قد فات. وتعلّموا –بعد فوات الأوان– أن النعمة إن لم تُشكر فإنها تزول، وأن ما عند الله هو الباقي.
الدرس المؤلم.
قال أحدهم بحسرة: "يَا لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ"، فندمهم لم يكن فقط على ضياع المال، بل على ضياع الهداية.
الندم، ضياع الجنة، التوبة، التواضع.
دروس خالدة من قصة صاحب الجنة
تُعتبر هذه القصة من أعظم القصص القرآنية التي تعلّم الإنسان كيف يتعامل مع المال، وكيف يجب أن يكون الشكر هو أول رد فعل على أي نعمة. ومن أبرز الدروس:
المال زائل إن لم يُستخدم في الخير.
الزكاة تطهّر النفس والمال وتزيد البركة.
الغرور بالنعمة يقود للهلاك.
التخطيط للإثم لا يمنع قضاء الله.
الاعتراف بالخطأ لا يغني بعد فوات الأوان.
لمن أراد أن يتّعظ.
عبر من القرآن، دروس في الحياة، شكر النعمة، خطر الطغيان.
شكرًا يا رب على نعمك
تختم قصة صاحب الجنة برسالة عظيمة: لا تركن إلى ما تملك، فإن الله قادر على سلبه في لحظة. ولا تغترّ بما عندك، فإنما هو ابتلاء، فإما أن تُشكر فتُثاب، أو تكفر فتُعاقب. لقد خسرت هذه الأسرة جنتها لأنها ظنّت أن المال دائم، وأن الفقراء لا حقّ لهم، فخسرت الدنيا، وربما الآخرة.
فلنتعلم من قصة صاحب الجنة أن النعمة لا تدوم إلا بالشكر، وأن القلب المتواضع هو وحده من يستحق الخلود في جنة ربّه، لا من كان جشعًا، متكبرًا، جاحدًا للفضل.
قصص دينية، عبرة وعظة، نهاية الظالمين، أهمية شكر النعمة، الغرور.
إقرأ أيضا: